سورة الفاتحة
تشتمل على أهداف القرآن
سميت الفاتحة وأم الكتاب والحمد وأفضل ماسميت به : السبع المثاني والقرآن العظيم كما ورد في صحيح البخاري أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال لأبي سعيد بن المعلّى: (لأعلّمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) .
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه : ( الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني ) صحيح .
وقد أتى هذا الوصف في سورة الحجر {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }الحجر87 .
وفي سورة الزمر {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ ) 23 .
وقد وصفت في الحديث القدسي بالصلاة ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ) .
وقد سئل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لماذا يقف بعد كل آية من آيات سورة الفاتحة فأجاب لأستمتع برد ربي .
بعض أسرار السورة الكريمة :
إذا كان القرآن مهيمنا على ما أنزل الله من قبل ، فالقرآن مجموع في فاتحة الكتاب .
والسورة مكية وآياتها سبع وسميت الفاتحة لافتتاح الكتاب العزيز بها فهي أول القرآن ترتيبا لا تنزيلا وهي على قصرها حوت معاني القرآن العظيم ، وهذا هو هدف السورة .
والقرآن في سوره وآياته يدعو إلى الاعتقاد الصحيح ، بالتعرف على الله وأسمائه وصفاته والحديث عن يوم الدين والتعريف بالرسل والأنبياء وطريق الصالحين كما يدعو إلى عبادة الله والاستعانة به ، ويحذر من سلوك طريق المغضوب عليهم والضالين ، وبيان منهج الحياة الذي ينبغي أن يسلكه العباد . وهي نفسها محاور سورة الفاتحة .
فإذا قيل لماذا بدئت السورة الكريمة باسم الله ؟ .
قيل للتبرك باسمه سبحانه وتعالى .
ولماذا كانت الآية بعدها الحمد لله رب العالمين ؟ .
لأن الإنسان بمجرد سماعه لاسم ربه المنعم المتفضل ينطق فورا بالحمد لله فليس لأحد فضل عليه مثله .
والإنسان لا يملك الهداية لنفسه ولا لغيره فوجب أن يستعين بالله مولاه أن يثبته على صراط الإسلام ويهديه في نفس الوقت لطريق الذين أنعم الله عليهم ليهتدي إلى منهج الله القويم .
وهذه الأمة ، أمة القرآن هي التي وقع عليها الاصطفاء والاختيار لحمل رسالة التوحيد ، بعد أن فشل في حملها أمم ونجح في حملها آخرون .
فالله – سبحانه – يعلمنا أن ندعوه بأن يقيمنا على طريق الأمة التي نجحت في حمل رسالة الدين كإبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب .
وفشل بنو إسرائيل في حمل الرسالة يجعلنا نبتهل إلى ربنا - سبحانه – أن يجنبنا طريق هؤلاء المغضوب عليهم .
والمؤمن موصول القلب بالله تعالى يشعر بفيض نعم ربه عليه وأعلاها نعمة الإسلام والإيمان والقرآن ونعم يعيشها ويستحضرها بين جوانحه فبمجرد وقوفه بين يدي ربه يستفتح الصلاة : باسم الله الرحمن الرحيم ، ليتبرك به ويطمئن قلبه فهو سبحانه الذي سمح له بالوقوف بين يديه لينعم عليه ويسمع دعاءه ويستجيب له .
وإذا كان الله كذلك فلا بد من شكره سبحانه : الحمد لله رب العالمين .
ثم تأتي الآية الثالثة : الرحمن الرحيم لتعطي الأمل للمقصرين , وتفتح باب الأمل للتائبين , وتطمع الراجين والمحبين .
والآية : إياك نعبد وإياك نستعين .
وهذا حق الله على عباده ، فهو الذي خلق وهو الذي يرزق ، ويحيي ويميت ويحاسب وبيده مصائر العباد ، فينبغي أن يعبد وحده وويستعان به وحده {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }الروم40 .
وقد جاءت الآية بصيغة الجمع ؛ لأن المرء لا يصح أن يقف منفردًا في هذا الموقف بين يدي ربه العظيم . والآية تهدف إلى وحدة الأمة ورص صفوفها ، واستشعار هذه الوحدة دائما حتى في وقت العبادة .
ومع كل هذه المعاني فإن ألفاظ الدعاء هي نصف كلمات السورة تقريبًا ، والدعاء عقيدة من جهة وعبادة من جهة أخرى .
فنصف السورة ثناء ونصفها الثاني دعاء وهكذا تعلمنا كيف نتعامل مع الله عز وجل .
لهذه الأسرار وغيرها مما لا نعلمه كانت قراءتها في اليوم الواحد سبع عشرة مرة في الفرائض إلى جانب تلاوتها في النوافل .
وهناك مناسبة بين الفاتحة والبقرة وآل عمران
- حيث انتهت كل منها بالدعاء .
- وآخر الفاتحة قوله تعالى (غير المغضوب عليهم ولا الضآلين) وجاءت سورة البقرة بعدها تتحدث عن المغضوب عليهم (بني إسرائيل) وكيف عصوا ربهم ورسولهم ، ثم سورة آل عمران لتتحدث عن الضآلين (النصارى) .
والحمد لله أولا وآخرا .
شعبان شحاته
مدونة تدبر القرآن .
الأحد، 16 يناير 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق