الجمعة، 20 أبريل 2012

ما يملك المسلمون أن يقدموه للعالم

وهذه هي الهدية الربانية التي يهديها للناس في الأرض بعقيدة التوحيد ...وهذه هي النعمة الإلهية التي يمن بها على عباده وهو يقول لهم : “ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام ديناً “...
وهذه هي الهدية التي يملك أصحاب عقيدة التوحيد أن يهدوها – بدورهم للبشرية كلها . وهذه هي النعمة التي يملكون أن يفيضوا منها على الناس ، بعد أن يفيضوها على أنفسهم ، ويرضوا منها ما رضيه الله لهم .
وهذا هو الجديد الذي يملك لأصحاب عقيدة التوحيد أن يتقدموا به للبشرية اليوم ، كما تقدم به أسلافهم بالأمس فتلقته البشرية يومها كما تتلقى الجديد . ولم تستطع أن تقاوم جاذبيته لأنه يمنحها ما لا تملك ، فهو شيء آخر غير كل ما لديها من تصورات وعقائد ، وأفكار وفلسفات ، وأنظمة وأوضاع .. بكل تأكيد .. لقد قال ربعي بن عامر رسول جيش المسلمين إلى رستم قائد الفرس ، وهو يسأله ما الذي جاء بكم ؟ كلمات قلائل تصور طبيعة هذه العقيدة ، وطبيعة الحركة الإسلامية التي انبثقت منها ، كما تصور طبيعة تصور أهلها لها ، وإدراكهم لحقيقة دورهم بها ..
قال له : "الله ابتعثنا ، لنخرج من شاء ، من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده .ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة . ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام "
وفي هذه الكلمات القلائل تتركز قاعدة هذه العقيدة ، وتتجلى طبيعة الحركة الإسلامية التي انبثقت منها ، وانطلقت بها

إنها إخراج من شاء الله من عبادة العباد الله وحده .. ورد أمرهم إلى الله وحده- في الحياة والممات ، في الدنيا والآخرة . وإفراد الله سبحانه بالألوهية وبخصائص الألوهية – والسلطان والحاكمية والتشريع .

وأصحاب عقيدة التوحيد – حين يفيئون إلى منهج الله الذى من به عليهم وينادون به – يملكون أن يقدموا للبشرية منهجا يفوق أعظم المناهج والمذاهب والأنظمة والأوضاع في الأرض كلها بلا استثناء . ومن ثم يكون لهم اليوم وغدا" دور عالمي إنساني كبير . ودور قيادي أصيل في التيارات العالمية الإنسانية . دور يمنحهم سببا" وجيها" للوجود العالمي الإنساني ، وللقيادة العالمية الإنسانية .
إنهم لا يملكون أن يقدموا للبشرية اليوم أمجادا" علمية ، ولا فتوحات حضارية ، يبلغ من ضخامتها أن تفوق تفوقا" ساحقا" على كل ما لدى البشرية منها .. ولكنهم يملكون أن يقدموا لنا شيئا" آخر . شيئا" أعظم من كل الأمجاد العلمية ، والفتوحات الحضارية , إنهم يقدمون تحرير الإنسان بل ميلاد الإنسان .
وهم حين يقدمون للبشرية هذه الهدية يقدمون معها منهجا" كاملا" للحياة منهجا" يقوم على تكريم الإنسان ، وعلى إطلاق يده وعقله وضميره وروحه من كل عبودية ، إطلاقه بكل طاقاته لينهض بالخلافة وهو حر كريم ، يملك إذن أن يقدم الأمجاد العلمية ، والفتوحات الحضارية ، وهو في أوج حريته ، وفى أوج كرامته ، وحينئذ لا يكون عبدا" للإله ، وللبشر معًا

بل يكون عبدا لله وحده .

دكتور / محمد عمارة

ليست هناك تعليقات: