السبت، 29 مايو 2010

سورة البقرة

( من ثمرات التلاوة ) سورة البقرة :
تعرض السورة الكريمة ثلاثة أصناف من الناس في الربع الأول منها : المؤمنون المتقون ، والكفار والمنافقون .
وأدعوك أن تتملى صفات المؤمنين وتقارن بينها وبين صفات الكافرين والمنافقين لتعود شاكرا لله على نعمة الإسلام والإيمان .
وأظهر صفتين هما : الإيمان بالغيب ، والإيمان بما أنزل إلى كل الرسل .
ثم لا يكا د هذا الربع ينتهي حتي ينادي القرآن الحكيم الناس كافة أن يكونوا في صف المؤمنين ويعبدوا الله وحده.
وهذا التكليف له أسباب فالله عز وجل هو الذي خلقهم وخلق من قبلهم ، كما أن عبادة الله ستعود عليهم بالتقوى وتهذيب الشعور وتحسين السلوك .
وإنها لفائدة ضخمة أن يعيش الإنسان حياة كريمة في ظل منهج الله عز وجل ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) .
ثم تأتي قصة الاستخلاف : استخلاف آدم وذريته في الأرض .
ونوع آخر من الاستخلاف على العقيدة والقوامة على الدين مع إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب .
واستخلاف بني إسرائيل .
وكان التفضيل والتكريم لآدم عليه السلام وذريته ممثلا في :
1 – هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا .
2 – استخلافه في الأرض .
3 – أمر الله الملائكة أن يسجدوا له .
4 - تعليمه الأسماء كلها .
5 – تلقى من ربه كلمات فتاب عليه .
ولكي يظل التكريم ويظل الاستخلاف ، يجب عليه تجاه ذلك :
§ العلم .
§ العبادة . ( والعلم لعمارة الأرض في كل مجالات الحياة المختلفة ، والعلم والعبادة لعمارة الأرض بالطاعة الخالصة لله رب العالمين ) .
§ التوبة من المعاصي والرجوع إلى الله .
§ إن شجرة الحرام هذه هي الحدود الممنوع الاقتراب منها ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) البقرة187 .
§ فالمطلوب إذن من آدم وذريته أن يتوبوا إلى الله وينكسروا بين يديه في عبودية تامة ، كلما طالت أيديهم شجرة الحرام .
§ فليست العبودية الامتناع عن الحرام بالكلية ؛ لأن ذلك ليس في مقدور المكلفين ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) حديث حسن خرجه السيوطي وصححه الألباني .
§ ولكن أعبد الناس هو الذي يخطئ فيتوب ويعود نادمًا أسيفا .
والسورة الكريمة تعرض استخلاف إبراهيم , وإسماعيل ،وإسحق و ويعقوب وبنيه . وكيف نجحوا في هذه المهمة .
فإبراهيم ابتلاه ربه بكلمات فأتمهن : بإبعاد ولده وزوجه إلى أرض لا نبات فيها ولا ماء ، و بذبح ولده ، وبالإلقاء في النار .
وإسماعيل يصبر لأمر ربه وهو بعد غلام .
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }البقرة132 .
ويعقوب لا يموت حتى يطمئن على بقاء أولاده على عبادة الله واستمرار رسالة التوحيد من بعده .
ثم تعرض صورة استخلاف بني إسرائيل وتفضيل الله لهم على العالمين في عصرهم وبينت كيف ضلوا وأساءوا
وسردت السورة الكريمة صورا من معاصيهم وسيئاتهم لكي تتجنبها أمة الإسلام .
فذكرت أنهم :
يكفرون بآيات الله .
يقتلون الأنبياء بغير الحق .
قالوا سمعنا وعصينا .
وعبدوا العجل من دون الله .
قالوا راعنا .
سوء الأدب في قصة البقرة .
قالوا أرنا الله جهرة .
قالوا حنطة .
عبدوا العجل من دون الله .
وغير ذلك مما سجل عليهم القرآن الكريم في أكثر من موضع .
ثم يأتي التكريم الكبير لاختيار أمة الإسلام لتكون قيمة على الدين وعلى المقدسات .
( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ...) .
وقد ميز الله تعالى هذه الأمة بقبلتها ووسطيتها ، وكونها آخر أمة أخرجت للناس .
ثم بين الله عز وجل للأمة المختارة تفاصيل شريعتها من صلاة وصيام وزكاة وحج وجهاد وأحكام الأسرة من زواج وطلاق ومتعة ونفقة ، والمعاملات الجائزة والمحرمة كالبيع والرهن والوصية ، والربا .
وإذا كانت التكاليف شاقة على الأمة ؛ فعليها أن تستعين بربها الذي يعلمها هذا الدعاء العظيم :
{ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286.
ولا يعقل أن يأمرنا الله تعالى بالدعاء ثم لا يستجيب .
عن بن عباس قال لما نزلت هذه الآية " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال قد فعلت " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " قال قد فعلت " واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا " قال قد فعلت . ( صحيح مسلم ) .
وإن العبد ليعجب من كرم ربه سبحانه وتعالى ، يحدد لنا الدعاء لندعوه به ـ فإذا دعوناه قال قد فعلت وفي رواية ( قال نعم ) .
وورد في فضل هاتين الآيتين أيضا :
عن أبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلته كفتاه" المسند .
عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعطهن نبي قبلي" المسند .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " ما أرى أحدا يعقل بلغه الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة فإنها من كنز تحت العرش" .
وورد في فضل آية الكرسي أنها أعظم آية في كتاب الله (عن ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء أن مولى ابن الأسفع (3) -رجل صدق-أخبره عن الأسفع (4) البكري: أنه سمعه يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في صفة المهاجرين فسأله إنسان: أي آية في القرآن أعظم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ } حتى انقضت الآية. (5) . المعجم الكبير .
كما ورد في فضل سورة البقرة :
أنها بركة وأنها تطرد الشيطان :- عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة " . رواه مسلم . . - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة " . رواه مسلم .
والحمد لله أولا وآخرا .

ليست هناك تعليقات: