الخميس، 5 نوفمبر 2009

العناية بتدبر القرآن من موقع زاد الداعي
قال تعالى(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً)
فمن أراد السير إلى الله سيراً صحيحاً مأموناً فليبدأ أولاً بالقرآن كما قال تعالى( فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ )
قال الخباب بن الأرت (تقرب إلى الله مااستطعت فإنك لن تتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه)
قال تعالى(إن هذه تذكره فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً)
ياحسرة على من هجر القرآن.
مساكين هم من تركواالقرآن وأجهدوا أنفسهم في البحث عن طريق آخر يوصلهم إلى السعادة , يوصلهم إلىالحياة الحقيقية , يا حسرتهم عندما يجدون أن ما يبحثون عنه كان في متناول أيديهمولكنهم لم يعرفوا طريق البدء , لم يبدءوا بالقرآن أولا في التخطيط للحياة من جديد ..
يقول الدكتور/ ناصر العمر ارتباط الناس بتلاوة كتاب الله عز وجل وحفظه أمر مشاهد وأمر عظيم وأمر يسر الناظرين والحمد لله والحلقات بعشرات الآلاف والحفاظ يتخرجون سنوياً بالآلاف والمجودون كذلك ولكن يلحظ عدم العناية بتدبر القرآن الذي من أجله أنزل القرآن قال تعالى(كتاب أنزلنه مباركا ليتدبروا آياته)
ولذلك لابد من حمله على مستوى الأمة من أجل تدبر القرآن وكما قال أحد المشايخ تطبيع القرآن إي (أن يكون كل قاري للقرآن يقرن مع قراءته لكتاب الله تدبر كتاب الله)
إذا سمعنا الأمام يقرأ القرآن في صلاته نعيش معه بتدبر وإذا تلونا كتاب الله نعيش معه بتدبر وإذا جاءتنا قضايا معينة في حياتنا الخاصة والعامة نبحث عن علاجها في القرآن من خلال التدبر
إن الحياة مع القرآن لا تكون من خلال التلاوة فقط بل أنها تكون من خلال التدبر ولذكر ذكر ابن القيم إن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً
قال ومن هجر القرآن هو هجر التدبر نحن نعلم أن من الهجر هجر التلاوة لكن قليل منا من يدرك أن الهجر يكون من هجر التدبر فليحاسب كل منا نفسه مانصيب التدبر في حياته في قراءته؟
ندرك كثيراً أننا إذا لم نقرأ القرآن خلال أيام أو أشهر أو نختمه في 30 أو 40 يوماً أننا قد هجرنا القرآن لكن هل نحن ندرك بوعي وبقوة وبتطبيق عملي أننا إذا لم نتدبر القرآن أننا قد هجرنا القرآن.
نعوذ بالله أن نكون من أولئك الذين يقول فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يشكو لربه (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)
الحياة من جديد نعم تكون بالقرآن ومعالم ذلك أننا لاحظنا من خلال هذا المشروع العظيم الذي بدأه كثير من طلاب العلم والمشايخ وبدأ من مناشط ذلك كما تعلمون جوال تدبر وغير من المناشط التي تقوم بها المؤسسات المعنية ومنها مؤسسة آسية هو تدبر القرآن وجدنا أن من أفضل علاج المشكلات الخاصة هو التدبر إن مشكلات الاجتماعية تكون بالتدبر إن مشكلات الأمة تكون بالتدبر وبهذا يفتح على الإنسان وكم من معضلة واجهت أفراد وأسر ومجتمعات ومن خلال التدبر توصلوا إلى حلها (مافرطنا في الكتاب من شيء) فما أحوجنا إلى تدبر كتاب الله جل وعلا.
هذه معالم سريعة وكلمات سريعة أدعوا من خلالها التزام منهج السلف في تدبر القرآن ولقد قام عمر رضي الله عنه ومكث مع سورة البقرة 12 عاماً ومكث ابنه عبدالله رضي الله عنه مع سورة البقرة 8 أعوام يتدبرون القرآن ماكانوا يتجاوزون العشر آيات حتى يعلموا مافيها من العلم والعمل إي بالتدبر.
ونعى ابن مسعود رضي الله عنه أولئك الذين يهذون القرآن هذنا كهذ الشعر وينثرونه كنثر الدقل وهو واقع كثير من الناس وبعض الأئمة هداهم الله.


ماأحوجنا إلى القراءة بالتدبر والفهم بالتدبر والعيش مع القرآن بالتدبر وسترون هذا النور يشع في صدوركم وفي قلوبكم وفي بيوتكم وفي أسركم وفي حياتكم وفي أمتكم.
الأمة عائدة إلى كتاب الله على المنهج الصحيح تلاوة وتجويدا وحفظا وتدبرا وعلما وعملا.

(انتهى كلام الشيخ ناصر العمر)
__________________


فكرة المشروع:دعوة للمشاركة في حملة مشروع الحياة من جديد نبدأ فيها بالقرآن أولا فهو طريقنا إلى الإصلاح وأولى خطواتنا إلى التصحيح لأن هو هادي البشرية ومرشدها ودستورها مامن شيء يحتاجه البشر إلا وبينه الله فيه نصا أو إشارة أو مفهوما علمه من علمه وجهله من جهله ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولافهم لمعانيه ومارده هم أحدهم كم قرأ وكم حفظ وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره وتكفل لنا بحفظه فانشغلنا بحفظه عن تدبره.

أهداف المشروع:الارتقاء بالنفس في كافة جوانبها العقدية والتعبدية والأخلاقية والروحية والنفسية والاجتماعية والفكرية والجسدية بصورة شاملة متوازنة تصل بالفرد إلى العبودية المطلقة في كل شؤونه وأحواله لله سبحانه وتعالى

نتائج المشروع:تصبح الأمة مؤهلة لتطبيق منهج الله تعالى في الأرض وعبادة الله وحده وقيادة البشرية نحو عمارة الكون.

يقول الدكتور/عمر المقبل أنه مشروع دعونا نسميه مشروع الأمة الذي ينبغي أن يكون مشروعها الأول أنه مشروع يعتني برد الناس إلى كتاب الله عز وجل ردا على الطريقة الأولى طريقة الدين الأولى طريقة النبي صلى الله عليه وسلم التي ربى عليها أصحابه رضي الله عنهم أنه مشروع أيضا لايتحدد بزمن ولا يتقيد بوقت بل هو مشروع الحياة كلها أنه كتاب الله عز وجل أنه كلام الله وكفى أن من أيقن أن القرآن هدى فأنه بلا ريب لن يستغني عن الهدى لحظة واحده أن من علم أن القرآن شفاء فهل يمكنه أن يستغني عن الشفاء لحظة واحده
أن من أدرك أن القرآن هو رحمة من الله عز وجل فهل يمكن للإنسان أن يستغني عن شي من رحمة الله أن من علم أن القرآن نور فهل يرضى أحد أن يبتعد عن هذا النور ثم إذا ابتعد فأين يقترب أو في أي جهة يقترب أنه يقترب إلى الظلمات أنه من أدرك أن القرآن حياة فإن البعد عنه يعني الموت.

أن هذا ليس من كلامي بل هو من كلام من أنزله فتأمل معي قول ربنا عز وجل(أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)
وتأملوا جيدا وتدبروا قول الله جل وعلا(وكذلك أوحينا إليك روح من أمرنا) تأمل مافي هذه الكلمة من دلالة على الحياة( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْجعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)
أن العودة إلى كتاب الله والتنادي إلى العودة إليه تلاوة وتدبرا وعملا ليكون واقعا معاشا سلوكا ظاهرا على حياة الناس كلهم رجالهم ونسائهمشبابهم وشيبهم صغيرهم وكبيرهم أن هذا المشروع فعلا هو المشروع الذي ينبغي أن نتنادى جميعا لرد الناس إليه وللمشاركة فيه فهو مشروع الأمة كلها والقرآن هو الكتاب الوحيد الذي خاطب الله سبحانه وتعالى جميع الناس فقال تعالى
_ (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
_(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
_(كتابٌ أنزلنه مبارك ليتدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)
انتهى كلام الشيخ / عمر المقبل.

أولى خطوات المشروع:التدبر لقد أنزل الله القرآن ووصفه أنه مبارك ثم بين الطريقة التي تحصل بها بركة هذا الكتاب والطريق الذي تنال به خيراته.
قال تعالى( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)
فلا سبيل لتحصيل بركة الكتاب إلا بتدبره وفهم معانيه وإتباعه.

المقصود بالتدبر: هو الفهم لما يتلى من القرآن مع حضور القلب وخشوع الجوارح والعمل بمقتضاه ويكون بإطالة نظر القلب إلى معانيه وجمع القلب على فهمه وتعقله وأن يشتغل القلب في التفكير في معنى مايلفظه بلسانه فيعرف من كل آية معناها ولا يتجاوزها إلى غيرها حتى يعرف معناها وماردها.

قال الحسن البصري والله ماتدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى أن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله ماأسقطت منه حرفا واحد وقد والله أسقطه كله منه حرفا وقد والله أسقطه كله مانرى القرآن له في خلق ولاعمل.

عن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القرآن أقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها) .

وقال ابن القيم صاحب القرآن هو العالم به العامل بما فيه وإن لم يحفظه عن ظهر قلب.وأما من حفظه و لم يفهمه ولم يعمل به فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم.

مشروعية المشروع:عن أبي ذر رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم التدبر على كثرة القراءة فيقرأ آية واحدة فقط في ليلة كاملة.
روي عن حذيفة رضي الله عنه أن صلى ذات ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقرأ مترسلا فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ. وفي ذلك تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره في التسبيح والسؤال والتعوذ. ‏

تطبيق الصحابة لمفهوم التدبر: تطبيقهم قد نشاء عن فهم عميق للغاية التي من أجلها أنزل القرآن وقناعة تامة لما يجب عليهم تجاهه وهذه أهم مقومات أي عمل أو أي مشروع.
فقد نقل عن محمد بن كعب القرضي رضي الله عنه أنه قال لا أن أقرأ في ليلتي حتى أصبح إذا زلزلت والقارعة لاأزيد عليهما أحب إلي من أن اهذ القرآن ليلتي هذ أو قال انثره نثر. فعن عباد بن حزمة قال دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) قال:فوقفت عليها فجعلت تستعيذ وتدعو قال عباد:فذهبت إلى السوق وقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تستعيذ وتدعو.
وعن عبدالله بن مسعود قال:كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم بتجوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
هكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة فلا علم جديد إلا بعد فهم للسابق والعمل به فكانوا يوقنون بأن المقصد من التلاوة هو التدبر والعمل به. وكان ابن عمر رضي الله عنهم يقول كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لايحفظ من القرآن إلا السورة ونحوهاولكنهم رزقوا العمل بالقرآن وإن آخر هذه الأمة يرزقون القرآن منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به.
ولقد تعلم ابن عمر رضي الله عنهما سورة البقرة في 12 عاما فلما ختمها نحر جزورا وطول هذه المدة ليست فقط للحفظ والضبط بل المضمون فيهم رضي الله عنهم أنهم أسرع حفظا من المتأخرين لكنهم كانوا يتفقهون وينظرون إلى ماتضمن هذا الوحي من الخير العظيم.
أن القرآن لن يفعل في قلوبنا كما فعل في قلوب الصحابة رضوان الله عليهم إلا إذا قرأنا القرآن ونظرنا فيه بالشعور نفسه الذي كان يتلقى به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ممن يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به فقد كانوا يقرؤونه ويتلونه بشعور التنفيذ ليعملوا به فور سماعه
وهذا هو الفارق بيننا وبين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم من أهل القرآن الأوائل حيث كانت المواعظ والدروس والخطب قليلة حتى قال قائلهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا.
كان الكلام قليلا وكان العمل كثيرا فهم يعلمون أن كل مايسمعونه من كتاب الله وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب التنفيذ كما يجب على الجنود في ميدان القتال تنفيذ الأوامر التي تصدر إليهم من القادة وإلا كانت الهزيمة والخذلان فكانوا يتلقون الوحي من الله بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة وسرعة التنفيذ ولم يكونوا يتأخرون لحظة واحده في تنفيذ ماسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بالعلم الذي تعلموا منه.
__________________



هذه أمثلة لبيان كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقون الوحي من الله جل جلاله.
روى البخاري ومسلم عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة انه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء طيب فيها.
قال أنس:لما أنزلت هذه الآية (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قام أبو طلحة ‘إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله أن الله تبارك وتعالى يقول(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وأن أحب أموالي إلي بيرحاء وأنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يارسول الله حيث أراك الله قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:بخ ذلك مالا رابح وقد سمعت ماقلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة: افعل يارسول الله فقسمها أبو طلحة في أقربائه وبني عمه.

وفي قصة الأفك التي كان فيمن خاص فيها مصبح بن أثاثه وكانت أمه بنت خالة الصديق وكان مصبح رجلاً فقيراً وكان الصديق رضي الله عنه ينفق عليه فلما قال ماقاله في عائشة ونزلت الآيات ببراءتها قال أبو بكر رضي الله عنه:والله لا انفق على مصبح شيئا
أبدا بعد الذي قال لعائشة ماقال فانزل الله تعالى( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِيالْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )قال أبو بكر: بلى والله أني أحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مصبح بالنفقة التي كان ينفقها عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا.

قدم عيينة ابن حصن فنزل عند ابن أخيه الحر بن قيس وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشورته كهولا كان أو شبانا فقال:عيينة لابن أخيه ياابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه فاستئذان فأذن له عمر فلما دخل قال: هيه ياابن الخطاب فوالله ماتعطينا الجزل ولاتحكم فينا العدل فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به فقال له الحر:ياأمير المؤمنين أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وأن هذا من الجاهلين فوالله ماجاوزها عمر حين تلاها عليه وقفا عند كتاب الله.

أما المهاجرات الأول فعن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن إي غطينا رؤوسهن ووجوههن.

أختي المسلمة بأي شعور تقرئين القرآن وكيف استجابتك لأمر الله تعالى فيه وهل لك في نساء الصحابة أسوة كم من أمرآه قرأت هذه الآيات وقد تخلت عن تنفيذ أمر الله فيها كما من متبرجة مرت عليها ولم تحرك عندها العزيمة على التوبة والتصحيح.ومن المناسب أن نذكر تجربة واقعية لمجموعة من الفتيات طبقن هذا المشروع فذقوا طعم الحياة بالقرآن.

تقول أحداهن طريقتنا في حفظ كتاب الله تعتمد على التغيير الذي يتم في حياتنا بعد تلاوة كل آية لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يحفظون القرآن بالتطبيق ونحن بطريقتنا نحاول ذلك لا ننتقل لحفظ آية دون أن نكون طبقنا السابقة في حياتنا


وتعطينا مثلا على ذلك فتقول على سبيل المثال قول الله تعالى (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم) آية في كتاب الله عز وجل تعرفت على معناها وفهمتها حتى سكنت قلبي ومنذ فجر ذلك اليوم صحبتني تلك الآية فقد كنت متدثرة في فراشي وبرد الشتاء يغريني بالبوم هاهو الآذان أتمنى الصلاة ولكن النوم سلطان كما يقولون تذكرت الآية التي ذكرتني بلقاء الله جل جلاله وكيف سيكون حالي عندما يسألني ربي ألم أفرض عليك خمس صلوات فلماذا جعلتيها أربعا بهواك.
أخذت أفكر في ذلك ولكنني لم أترك مكاني حتى جاءتني آية أخرى كنت أحفظها (وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) وكأنها تقول إلا تريدين أن يراك رب العزة تقومين للصلاة فيشكر لكِ عملك وبمجرد تذكري لتلك الآيات ذهب عني الخمول وتنبهت على الفور ولم أشعر إلا وأنا بين يدي ربي أصلي وأسجد.

نحن والقرآن واقعنا مع القرآن:(وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) ولنا أن نسأل أنفسنا الآن.
مادرجة تدبر القرآن في تلاوتنا؟
وما مقدار الاستجابة في واقعنا العملي لما نقراها من القرآن؟
وهل يمكن أن يغير القرآن حياتنا؟
وهل يمكن أن نحيا حياتنا من جديد بالقرآن؟
وهل نربي أبنائنا وطلابنا على الحياة بالقرآن؟
أم أن الأهم الحفظ وكفى بلا تدبر ولا فهم بمبرر أن التدبر يؤخر الحفظ؟
هل يمكن أن نحفظ آياته بطريقة أخرى غير مجرد الترديد والإعادة ولو طالت المدة؟

لأعذر لنا ولا عذر لأحد في ترك تدبر القرآن فكل من له عقل يدبر به أمور حياته ويميز بين النافع والضار قادر على تدبر القرآن فلا عذر لأحد في ترك تدبره وتعلمه وقد يسر الله لنا فهمه وادكره وتكفل لنا بحفظه وهيأ له علماء أفذاذ يقومون ببيانه وإيضاح معانيه في كتب التفسير وشروحات أهل العلم قال تعالى(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)

حتى نريد أن نرسم خططنا لزيادة إيماننا فلنبدأ بالقرآن ونحن نعزم أن نمضي في طريقنا نحو التصحيح والتغيير فلنبدأ أولا بالقرآن وإذا أردنا أن نفتح أفقا لقلوبنا وبصرنا فلنبدأ أولا بالقرآن وإذا أردنا أن نحيا الحياة من جديد فلنبدأ أولا بالقرآن.



فلنبدأ أولا بالقرآن في زيادة إيماننا: قال تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون)
لقائل يقول كيف يزيد إيماننا من خلال القرآن وقد يقول قائل أنني أقرأ القرآن ولكني لا أشعر بحلاوة الإيمان التي أسمع عنها.
نعم يحدث لنا هذا لأننا تعودنا أن نقرأ القرآن من أجل تحصيل أكبر قدر من الحسنات فقط دون النظر إلى فهمه أو التفاعل معه فلا بد من تحويل الوجهة وتغيير القصد ليكون الانتفاع بآياته وزيادة الإيمان من خلاله هو المقصد الأول من قراءته والأمر يحتاج إلى جهد وصبر ومثابرة وبخاصة في البداية مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الطريقة لن تحرم صاحبه من الأجر والثواب بل أن ثوابه بمشيئة الله سيكون مضاعفا معنى ذلك أن القراءة التي تقرأها بدون فهم ولا تدبر ولا تأثر لن تزيد إيماننا ولو ختمنا القرآن الآلاف المرات إذ ينبغي أن يكون الشعار الذي نتخذه عند كل تلاوة أن نفهم مانقرأ ونجتهد في التأثر يه.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه (لاتهذوا القرآن هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة)
__________________


لنبدأ بالقرآن في تصحيح وتغيير أنفسنا: والتغيير الذي يحدثه القرآن يبدأ بدخول نوره إلى القلب فكلما دخل النور إلى جزء من أجزائه بدد مايقابله من ظلمة أحدثتها المعاصي والغفلات وإتباع الهوى وشيئا فشيئا يزداد النور في القلب وتدب الحياة في جنباته ليبدأ صاحبه حياة جديدة لم يعهدها من قبل قال تعالى(أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ماكانوا يعملون)
فالقرآن إذن هو الروح التي تنبت في القلب فتحييه (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ماكنت تدري مالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)

لنبدأ بالقرآن أول في إصلاح قلوبنا:القرآن هو أفضل طريقة لإصلاح القلوب(إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون)
إنه موعظة الله وهل هناك أعظم وأبلغ من الموعظة الربانية؟
وهل هناك أيسر منها وأكثر نفاذ على القلب والضمير؟
قال تعالى(تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته تؤمنون)
فلا بد من وجود قلب حي يستقبله والقلب الحي مرهف الحس تستغرق الكلمات كيانه فيخشع ويلين لذكر الله سبحانه وتعالى ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )
فالقلوب التي لاتفقه القرآن ولاتفهم معانيه ولا تخشع لآياته قلوب مغلقة بأقفالهم قال الله تعالى(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
أنها قلوب عليها أقفال كأنها بيوت خربه قد أغلقها أهلها ثم هجروها سنين طويلة حتى سكنتاه الهوام والدواب واتخذت مكانا لرمي النفايات والقاذورات إن هذه تشبيه نبي الأمة ورسولها صلى الله عليه وسلم في قوله (إن الرجل الذي ليس في جوفه شيئا من القرآن كالبيت الخرب)

وأقفال القلوب كثيرة منها: الإعراض عن دين الله عز وجل وتدبر كلامه والاستكبار عن عبادته والانغماس في معصيته وتعاطي كل مايغضبه ويسخطه والغفلة عن مراقبته والتهاون بأليم عقابه.
ومن أهم موانع تدبر القرآن وأخطر أقفالها أمراض القلوب وفساد الباطن كالرياء والمبالغة في طلب الدنيا والغل والحسد والبغضاء والكبر لأنها ظلمة تكسو القلب وتمنع من دخول نور القرآن وهدايته وتسبب شرود الذهن وانشغاله حيث أن صفاء القلب والذهن أهم عوامل التدبر ثم لاننسى أن قطيعة الرحم من الأسباب الحاجبة عن فهم كتاب الله والانتفاع به قال تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:خلق الله الخلق فلما فرغ منها قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال لها: مه قالت :هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال:إلا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت:بلى يارب. قال:فذاك.قال أبو هريرة أقرءوا أن شئتم (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)ومن قطعه الله هو مقطوع عنه.

كما أن هناك علامات كثيرة تدل على أن مغاليق القلب قد فتحت للخير وانشرحت للهداية منها:
١_استغلال مواسم المغفرة في الطاعات.
٢_المواصلة على الخير بعد انقضاء تلم المواسم.
3ـ الشعور بزيادة الإيمان عند ذكر الله وتلاوة كتابه الكريم.
٤_الخوف من الله عز وجل عند فعل المعصية.
٥_الزيادة في فعل الطاعات.
٦_الشعور بهوان الدنيا والرضا باليسير فيها.
٧_يتقدم ذلك كله الإخلاص في العمل بتذكر لقاء الله.


لنبدأ أولا بالقرآن في تقويل أخلاقنا: من المهم أن نهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن وفي تلاوته وفي العمل به وفي جعله منهاج للحياة عن سعد بن هشام بن عمر قال أتيت عائشة فقلت ياأم المؤمنين أخبريني بخلق صلى الله عليه وسلم قالت: (كان خلقه القرآن)تقصد يعمل به في نهاره و يقوم به في ليله فهو قائما به عاملا به آنا الليل وآنا النهار لايتركه لحظة من اللحظات بل كان يترجم القرآن ويبينه للناس بقوله وعمله وسائر شؤونه.

ومن الشواهد على أن القرآن إنما جاء ليقوم الخلاق ويرسخ العلاقات والصلات بين المؤمنين وأنه بترك تدبره والأخذ بما فيه تسؤ الخلاق وتنقطع الأواصر ذلك الربط اللطيف بين قطع الرحم وترك تدبر القرآن كما في قوله تعالى(فهل عسيتم أن توليتم ........ الآية) فالقاطع ماكان ليقطع رحمه لو أنه تدبر كتاب ربه.
__________________


يقول د/عبدالرحمن الشهري وإنك لتتأمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي)وتقول في نفسك ماهو التمسك الحقيقي بكتاب الله إلا أن يكون التدبر له والعمل به وتلاوته حق التلاوة وحفظه حق الحفظ ورعايته حق الرعاية وحتى لايقع الواحد من المسلمين فيما وقع فيه أهل الكتاب حينما قال الله سبحانه وتعالى يلومهم ويعنفهم في تركهم للتعبد على وجه الصحيح قال(فما رعوها حق رعايته) فلابد للمسلم أن يكون له حظ من التدبر والتأمل في كتاب الله سبحانه وتعالى آنا الليل وأطراف النهار حتى يعمر قلبه بذلك وحتى تطيب
نفسه بهذا ولاتطمن النفس ولا يطيب القلب ولا ترضى النفس إلا بالتدبر لك لام الله تعالى والتفقه في معانيه.وقديما كان الواحد من الصحابة ومن السلف رضي الله عنهم يردد الآية الواحدة ليله كله فيصبح عليه الصبح وه و لايزال يكرر آية واحده يتأمل معناها ويبكي عندها ويكررها وهذا لحياة قلوبهم.


ولذلك فإنه حتى نحيا بالقرآن حياة صادقة صحيحة فلا بد أن نعيد النظر في تلاوتنا وقرأتنا للقرآن الكريم وأن نكون ممن حظه من القرآن التدبر والعمل والتفقه والتفكر ولا يكون هم أحدنا آخر السورة كما نهينا عن ذلك وأن الذي يصحب القرآن الكريم يومه وليله وغدوه ورواحه سوف يفلح بإذن الله تعالى فلاحا دنيويا وفلاحا أخرويا ولاشك.والحياة الدنيا لاتطيب إلا مع كلام الله سبحانه وتعالى لذلك يقول أبو ذر رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم).

انتهى كلام د/عبدالرحمن

لنبدأ بالقرآن أولا في مواجهة أعدا الإسلام:أننا في هذه الأزمان المتأخرة التي بليت بها الأمة بالمصائب والرزايا فيما يتعلق بعلاقتها بربها وعلاقتها مع بعضها البعض تحتاج أن تراجع كتاب الله وتعود إليه وتتمسك به والله جل وعلا يقول(والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لانضيع أجر المصلحين)
فهو طريقنا إلى الإصلاح وأولى خطواتنا نحو التصحيح فلا بد أن نبدأ بالقرآن أولا وأننا لنعجب من أمة تهجر كتاب ربها وتعرض عن سنة نبيها ثم تتوقع بعد ذلك أن ينصرها ربها أن هذا مخالف لسنن الله في الأرضأن التمكين الذي وعده به الله والذي تحقق من قبل لهذه الأمة كان بسبب تمسكها بكتاب الله عز وجل ذلك أن تحقق النصر له شروط كما قال تعالى(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم آمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)
كما أن مابعد النصر له شروط كما قال تعالى(‏ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )
وهذا مافهمه أعداء الإسلام فكادوا للإسلام والمسلمين من هذا الجانب وظهرت معالم كيدهم للأمة في مؤامرتهم وخططهم لأبعد المسلمين عن كتاب ربهم ‏ ذكر في الشريط أكثر من شاهد اكتفي بذكر واحد منها يقول جلادي ستون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق في مجلس العموم البريطاني يحث قومه على زعزعة الأمة عن دينها فيقول[مادام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان]. ‏
__________________

خطوات عملية لتنفيذ المشروع: حتى نتدبر القرآن ونحيا به عمليا علينا أن نتخذ الخطوات التالية.
1_التلاوة بتأني وتدبر وانفعال وخشوع وأن لايكون هم القارئ آخر السورة لكن المهم أن يحصل تنبيه القلب وتذكيره بما هو مقبل عليه فيستحضر القارئ قبل القراءة درجات تدبر القرآن فيقصد به التأمل والتفكر واستنباط الحكم والأحكام ثم الخشوع والتأثر ثم محاسبة النفس وحملها على العمل بما فات.
2_يستحضر القارئ عظمة المتكلم به سبحانه فيعظم في قلب قرائه وتعلو منزلته كما يستحضر جزيل أنعام الله بقراته فيتهيأ لكلام الله عز وجل بالوجل والخوف والرجاء والفرح به عسى أن يظفر بالمقصود من إنزاله وليتهيأ لذلك ظاهرا وباطنا.
3_إذا استعاذ بالله من الشيطان فليستحضر طلب العون من الله من كيد الشيطان فإنه يسعى جهده لصد القارئ عن كلام الله ويحول دونه ودون الانتفاع بالقرآن فهو أما أن يشغل القلب عن النظر في معانيه أو يصرف ذهنه إلى غير المقصود فليستعيذ بالله من كيده وشره ومكره والمعصوم من عصمه الله.‎
4ـ حين يقرأ القرآن يرتل ويترسل كالباحث عن معنى يخفى بالقراءة السريعة مهمته عرض المعاني على القلب عسى أن يتأثر أو يخشع ليست همته متى يختم السورة فهو لايرضى لنفسه أن يقرأ آية لم يقف عند مدلولها أو لا يعرف المقصود منها أو يجهل تفسير كلماتها.
5ـ مما يعين القارئ على معرفة دلائل الآيات الوقوف أمام الآية التي يقرأها وقفة متأنية فاحصة ومررك النظر في مورد السياق (أي الكلام السابق واللاحق) واستحضار الموضوع العام للسورة أو المقطع والبحث عن حكمة الترتيل ووجه التعقيب في آخر الآية والغالية التي تدور حولها الآيات والنظر في ذلك كله عن طريق كتب التفسير المعتمدة والمأثورة كتفسير ابن كثير والطبري والسعدي.
وهناك فكرة رائعة فعالة بإذن الله تعالى مقترحة وهي [قراءة جزء واحد من القرآن أو قراءة بعضه أو قراءة القدر الذي سيتم القيام به في قيام الليل وتكون هذه القراءة بطريقة قراءة التدبر المذكورة في هذه الخطوات مع عدم الاعتبار بكمية القراءة أو عدد الأجزاء وأن لا يكون الهم الانجاز السريع في تلاوة كتاب الله عز وجل حتى تستقر معاني ودلالات آيات ذلك الجزء في القلب فيلين ويخشع حتى إذا قام به في الليل قام قيام القانتين الخاشعين السائلين الله بصدق ويقين فيسبح تارة ويسأل تارة ويستعيذ تارة.
6ـ من أعظم مايعين القارئ على استحضار مقصود الآيات ووجود تأثيرها على نفسه وقلبه معرفة أجواء التنزيل وكيف تلقى الرسول صلى الله عليه وسلم الآيات؟ وكيف وقعت في نفوس الصحابة موقعها حين سمعوها لأول وهلة؟ فيجعل من الآية منطلق لعلاج حياته وواقعه وميزاناً لما حوله وما يحيط به.
7ـ تعويد القارئ نفسه النظر فيما ينبغي عليه نحو دلالات الآية وإشارتها فإذا مر بآية فيها خطاب للأنبياء علم أنه مخاطب بذلك من باب أولى وإذا قرأ ثناء الله تعالى على الأنبياء والصالحين علم أنه مخاطب بذلك وأن تأثيره مقصود واقتدائه مطلوب وإذا مر بذم الله لأعمال العصاة والظالمين علم أنه مخاطب بذلك وأن تأثيره مقصود وحذره مطلوب.
8ـ العودة المتجددة للآيات وعدم الاقتصار على التدبر مرة واحده إذ المعاني تتجدد فإذا تأثر به وانتفع بها قلبه فرح بها وكررها وأعاد النظر فيها فلا يتجاوزها حتى تنطبع معانيها في قلبه وينشرح بها صدره.
9ـ ربط الواقع بالآيات المتلوه نعني بذلك ربط الآيات بالوقائع والإحداث وتداعي المعاني وتذكرها قال تعالى(إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبلسون)
قام الحسن البصري رحمه الله الليل كله يكرر قوله تعالى(وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم) فلما قيل له قال: (إن فيها معتبرا ماترفع طرفا ولا ترده إلا وقع على نعمة)
ومن المعلوم تفاوت الناس في ذلك تفاوتاً عظيماً وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
والمحاسبة الدائمة للنفس على ضوء ماقرأت وسمعت من كتاب الله تعالى بحيث تعرض النفس على الآيات عرض تقييم وتقويم وتحري للآثار العملية بعد قراءة القرآن بالتدبر إذ من السهل أن يعرف الإنسان هل حقق التدبر أم لا. وذلك بالنظر إلى مدى التغيير الذي أحدثه القرآن في نفسه وفي حياته وعبادته وعلاقاته وسره وعلانيته وهذه هي أبين علامة لحصول التدبر.
قال تعالى( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمان وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)
10ـ أن يكون الحديث عن التدبر والعمل بالقرآن حديث مجالسنا مع أهلنا وأولادنا وحديث مواعظنا ومحاضراتنا وخطبنا على المنبر وحديثنا مع طلابنا في المدارس والحلق وأن يطرح هذا المشروع على المستويات المختلفة ليصبح على مستوى التطبيق العام في حياة المسلمين.
__________________
أسباب بناء الشخصية القرآنية:
1ـ قلة المخالطة إلا لمصلحة وحاجة فإن كثرت مخالطة أهل الباطل تنسي القرآن.
2ـ القراءة والمدارسة في أكثر من كتاب تفسر كتفسير ابن كثير والسعدي وأبو بكر الجزائري.
3ـ سرعة الاستجابة والتنفيذ (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )

4ـ التواجد بين صحبة صالحة تعين على السمو والترقي.

وختاماً فإننا نواجه هذا المشروع لكل مسلم ومسلمة في جميع بقاع الأرض وننادي بأن يكون هناك اهتمام لفهم كتاب الله تعالى يوازي الاهتمام والعناية بحفظه حتى لا نكون ممن أقام حروفه وضيع حدوده.
نطالب بذلك ونحن نرى جموعا مباركة من حفاظ كتاب الله تعالى وحافظاته على تفاوت مقدار الحفظ لديهم وقد غلب عليهم الجهل وظهر عليهم مظاهر الإخلال بالدين فأصبحوا في الناس كسائرهم مع أن الواجب أن يتميزوا عن غيرهم بتقواهم لله عز وجل في أفعالهم وأقوالهم وطاعتهم له (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)
وإن يكونوا هم الدعاة حقاً لأنهم هم حملة مشعل الهداية
كما قال ميمون بن مهران (لو صلح أهل القرآن صلح الناس كلهم).
وصدق والله فلن يتحقق صلاح المجتمع حتى يصلح حال أهل القرآن فهم أولى الناس بالخير وأقربهم من منبع الهدى.

أن عنايتنا بطلاب وطالبات التحفيظ هو نقطة البدء ومنطلق الإصلاح الشامل فمواطن تعليم القرآن هي أخصب أرض للعملية الإصلاحية وأكثرها قابلية فهناك تسري في النشء روح القرآن وتتشرب قلوبهم العلم به في تواصل مستمر مع تردد لآياته وطول النظر فيها وفهم معانيها وذلك هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في تعلم القرآن والعمل به.
وبهذا نكون بإذن الله قد حققنا الغاية من تعلم كتاب الله ونيل بركته العظيمة وأعددنا جيلاً مؤهلاً لنصر هذا الدين والقيام به.

نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أحوالنا مع القرآن وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته
ونسأل الله جل وعلا أن يجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه وأن يرفعنا وينفعنا بالقرآن العظيم وأن يحشرنا في زمرة العاملين بما فيه.

الأحد، 1 نوفمبر 2009

تدبر القران وتعلمه من جديد

عن تدبر القرآن :

- قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :

- والاستغراق في الحق يضيق المكان أمام الباطل فلا يبقى له متسع يستقر فيه (في معرض الحديث عن القرآن يعالج حالة التعرض للأذى ) .

- كانوا يقرؤون القرآن ويرتفعون إلى مستواه , ونحن نقرأ القرآن ونشده إلى مستوانا .

- د / طه العلواني :

القرآن الكريم كتاب مكنون، وهو يتكشف عبر العصور عن مكنوناته ليستوعب مشكلات وقضايا العصور كلها، وبحسب سقوفها المعرفيَّة وعلى اختلاف أنساقها الثقافيَّة والحضاريَّة، فهو "مصدق مهيمن ومستوعب ومتجاوز"، وفي استيعابه يستطيع أن يستوعب الكون وحركته، والعالم وأزماته وإشكاليّاته، وليقوم القرآن بذلك لابد من "التطهّر والتدبُّر"، فالتطهر الإلهي إعداد وتهيئة للإنسان لمسّ معاني القران .

ولذلك قال جل شأنه: "لا يمسُّه إلا المطهرون"، فهؤلاء هم المؤهلون للعروج إلى علياء القرآن الكريم بسلّم التدبُّر.

- ومع توافر عشرات الألوف من التفاسير بأنواعها التي أشرنا إليها سابقًا، لكن "أهل القرآن" قد وجدوا أن أهم تفسير للقرآن المجيد هو القرآن نفسه فالقرآن يفسِّر بعضه بعضًا، ثم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث إنّه صلوات الله وسلامه عليه وإن لم يؤلف كتابًا في التفسير، لكنه قام بتفعيل وتأويل القرآن في الواقع، واقع "جيل التلقي" فقد كان عليه الصلاة والسلام يتلقى القرآن من لدن حكيم خبير فيتلوه على أصحابه ويأمر الكاتبين أن يكتبوه، ويعلمهم إياه على مكث، ثم يبرز لهم حكمه، ثم يوضح لهم عمليًّا كيفيَّة العمل به ليزكيهم به، فهو صلوات الله وسلامه عليه من علمهم الكتاب والحكمة وزكاهم به .

تعليم القرآن.. من التبرك إلى التحرك

من كتاب : عبدالله الحامد

يقول الشيخ "محمد الغزالي" - رحمه الله-: "المسلمون كانوا يقرأون القرآن فيرتفعون إلى مستواه، أما نحن فنشده إلى مستوانا".

وفي هذا الإطار يأتي كتاب "تعليم القرآن الكريم" لمؤلفه "أبو بلال عبد الله الحامد"، كمحاولة للارتفاع إلى مستوى هذا الكتاب الحكيم، وإذا كان اسم الكتاب قد لا يُغري البعض بالإقبال عليه؛ ظنًّا أن الكاتب سيعالج الموضوع بطريقة تقليدية غير عصرية، فإن مطالعة فهرست الكتاب، وعناوين مقالاته الـ(28)، والطريقة غير التقليدية التي تناول بها الكاتب الموضوع، ستدفع حتما إلى قراءة الكتاب، والتوقف كثيرًا عند معانيه، ومقاصده
.

خاصة وأن القرآن الكريم لا يأخذ مكانه المطلوب في حياتنا، سواء على المستوى العام أم حتى على المستوى الخاص، حتى من بعض المتصدرين للعمل الدعوى والإسلامي، أما جمهور المسلمين، فلك أن تتحدث عن موقع الكتاب الحكيم في حياتهم ولا حرج، حيث صار القرآن كتابًا للتبرك، أو علاج السحر ومس الشيطان، وليس كتابًا للعمل، والتطبيق في الحياة.


وإذا كان الشيخ حسن البنا - رحمه الله- قد تحدث عن عدم تفاعلنا مع القرآن الكريم، بأننا وضعنا مادة عازلة بيننا وبين القرآن، حالت دون انتفاعنا به، مثلما حدث مع تغطية أسلاك الكهرباء بمادة من البلاستيك، حالت دون تأثر الناس بقوة التيار الكهربي رغم مروره في الأسلاك، مما أفقد الكهرباء قوتها التأثيرية.

ومن ثم؛ فإننا إذا أردنا أن نشعر بالقرآن الكريم فمن الضروري أن نُزيل هذه المادة الكئيبة، التي تمنع وصول نور الوحي إلى قلوبنا ومجتمعاتنا، وأن يكون تعاطينا للقرآن مثل تعاطي الصحابة الأوائل الذين كانوا يقرأون القرآن للعمل، وليس للتبرك فقط.

في بداية الكتاب أشار "أبو بلال" إلى أن الحضارة الإسلامية التي انطلقت من القرآن الكريم، استطاعت أن تفتح في ثمانين عامًا ما لم تستطع روما أن تفتحه في خمسمائة عام؛ لأن المسلمين الفاتحين حلَّقوا بجناحي العدل والحرية معًا، فانجذبت لهم الشعوب المقهورة، وكان ذلك دليلا قويًّا على أن عقيدة التوحيد تحقق سعادة الدنيا والآخرة معًا ..

وهنا يطرح سؤالا ضروريًّا، هو أين تكمن المشكلة في تعاملنا مع القرآن الكريم؟، وهل المشكلة في المنهج النظري؟، أم إن الخلل في طريقة التعليم؟ ..

ويؤكد الكاتب أن القرآن هو المُولِّد الحقيقي الذي أنتج الأمة الإسلامية، التي هي خير أمة أخرجت للناس، وأن "محمدًا" - صلى الله عليه وسلم- لم يُبعث إلا رحمةً للعالمين، ومن ثم فإن الخلل يبقى في طريقة التشغيل، أي في طريقة فهم القرآن، أو في طريقة تعليم القرآن، وهذه الطريقة السائدة لا تخلو من ثلاثة احتمالات: إما أن تكون ساهمت في السقوط الحضاري، وإما أنها هادنته، وإما أنها لم تقدم الحلول الكافية ..

وبدأ بنقطة محورية هامة؛ وهي: أن منهاج تعليم القرآن الكريم، لن يكون قرآنيًّا حتى يستوعب شطري العقيدة، وهما:
(
أ) إقامة التوحيد وشئون المناسك
.
(
ب) إقامة الدولة الشورية العادلة .
.

ومن هنا، فإن تهميش شئون المعاش والمدنية والحضارة، هو في حقيقته إخلال بشطر الدين، إذ لا يمكن الوصول إلى "دار المقر" بدون تعبيد " الممر"، وهي الدنيا، فهناك وحدة بين النجاح في الدنيا والنجاح في الآخرة، والحديث الشريف يقول: "إذا قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة، فليغرسها"، وهذا رغم التيقن من نهاية الدنيا ..

العقلانية فريضة معطلة

"أشار "أبو بلال" إلى أن المعجزة الكبرى للقرآن تكمن في أن وظيفته أنه مولد للطاقة البشرية؛ ينتج الحضارة المادية والمعنوية معا؛ إذ يمتلك النص القرآني قدرة فائقة على تغيير القيم، وإحداث الانقلاب الشامل بها، ولم تتوفر هذه السمة لكتاب آخر، فهو أعظم كتاب غير العقل البشري، ولا يزال يمتلك هذه القدرة؛ كما يقول الشيخ "محمود الصواف": "أن تغيير العقول والأفهام أبلغ في الإعجاز،.. فإن إحياء أمة من الجهل والرذيلة والشرك والكفر، إلى أمة هادية مهدية، فاتحة منتصرة ورائدة وعادلة.. هو المعجزة الخارقة؛ التي تتضاءل في جوانبها جميع المعجزات والخوارق".

لقد كان القرآن الكريم هو حادي الجيل المؤسس في الإسلام، وما تلاه من أهل القرون المفضلة، فكان القرآن خلقهم وسلوكهم، فانتفعوا بقوى الكون، وفهموا أن القرآن أُنزل لتحرير الإنسان من كافة القيود التي تخل بكرامته وعقله وإنسانيته، كذلك فإن القرآن حمل خطابًا تنويريًّا للعقل والوجدان والسلوك؛ فأنتج الإبداع والفعالية، كذلك فإن القرآن الكريم ركز على الهدف من القراءة، وهو ألا يظل التفكير فريضة معطلة، وبالتالي فالمسألة ليست حفظًا وتكرارًا، ولكنها إعمال للعقل؛ لأن العقل هو آلة اكتشاف المنهج، وبه يفهم الكتاب العزيز، ومن هنا فكيف يتصور البعض أن العقل ضد النقل؛ لأن طرح هذا السؤال يكشف عن أزمة معرفية عميقة ..

القرآن والسمو المدني

القرآن خطاب لبناء المدنية الشورية العادلة، وسعادة الدارين، وإن منهاج التعليم عندما يُبنى على الوحدة العضوية الشاملة للثقافة القرآنية، يصحح المفهوم الغائم الناقص للدين؛ الذي تقصره المجتمعات الإسلامية على المناسك والشعائر، وهو ما يمكن أن نسميه (الإيمان الرهباني)، فالإيمان الذي لم ينتج المعاصرة والتجديد، أدى إلى هزيمة أمام العلمانية؛ لأن هذا الخطاب الديني انكمش، وحصَر الدين في الشعائر، ومن ثم وهب العلمانية زمام الحداثة والتجديد، وتحول دوره من الفعل إلى رد الفعل، ومن رد الفعل العقلاني الموضوعي إلى رد الفعل العاطفي الهائج ..

كما أن (الإيمان الرهباني) لم ينتج العدل والنظام والمدنية، ومن هنا فإننا إذا لم نفهم أن الثقافة القرآنية، منارة مسجد إلى جارها مدخنة مصنع، وإذا لم نفهم العبادة على أنها إقامة القسط والعدل، وتشييد الحضارة والعمران، كما أنها الصلاة في المسجد سواء بسواء؛ فنحن في واد، والثقافة القرآنية في واد آخر، فالصيدلية الإسلامية القرآنية، فيها علاج لكل داء، لكن المشكلة في توافر الفقهاء الأطباء .

القرآن والسمو الروحي :

القرآن الكريم رسالة تذكر المتلقي بواجباته، وتطلب منه أمورًا محددة، تذكرة لا تحتاج إلى شروح كبيرة، ولا علم كالمحيط، إنما تحتاج إلى ذهن عملي بسيط، "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" (القمر: 17)، قرن القرآن الكريم التذكير بالمسؤولية، ومن هنا يأتي الربط بين العلم والسلوك، وبين النظرية والتطبيق، وعندما يحسن المتلقي التقاط الإشارة يستوعب الرسالة، فتشحن طاقاته، ويصل إلى مرحلة الهداية ..

وقد عقل الصحابة والتابعون وظيفة القرآن، ففهموه فهمًا حضاريًّا، فجسدوه توحيدًا ومناسك ومجتمعًا متماسكًا، وأدركوا أن العقيدة هي التوازن بين شطرين: المناسك والمعائش، وأدركوا أن الدين يأمر بأن يكون معيار الحكم على العمل، ولا سيما في مجال المعايش، وهو مستوى الجودة، لا مقدار النية فحسب، وذلك لأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يُتقنه .".

كان الرعيل الأول يربط بين وحدات القراءة الثلاث: وحدة الطلاقة اللغوية، ووحدة الفهم الشامل، ثم يربطها بوحدة العمل الشامل، ولذا كان هناك الربط بين القراءة والموقف؛ فالقرآن شاهد للقارئ أو عليه، أما نحن فحفظنا فضل القرآن الكريم، وفصمنا الهدف عن الوسيلة، وغفلنا عن أن القرآن لا يزيد الظالمين إلا خسارًا ..

للتبرك أم التحرك؟

كان الصحابة يفهمون أن قراءة القرآن هي للتحرك والعمل، وأدركوا أن فهم المقروء هـو أساس تحويل الاستيعاب الذهني إلى تطبيق، أما القراءة السيئة ففرقت بين اللفظ القرآني، وفحواه، ووظائفه ومقاصده، وكان بعض السلف الصالح يقول: "إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهم؛ بكيتُ على نفسي؛ لأن الله تعالى قال: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" (العنكبوت: 43).

لذا فرق الأوائل بين العلم والروح العلمية، وذكر "أبو حامد الغزالي": أن الصحابة كانوا يعتبرون من يحفظ ويفهم الأجزاء المحدودة من القرآن من العلماء .

ونظر السلف الصالح من الصحابة إلى القرآن على أنه ميثاق غليظ، يتقدمون إليه بوجل وإدراك، حيث تكررت عبارة" الميثاق الغليظ" في القرآن عشر مرات، فهو عقد بين الله تعالى والقارئ مثقل بالتبعات، وأمانة عجزت الجبال عن حملها؛ لـــذا كانت صورة الحمار الذي يحمل أسفارًا ماثلة في أذهان الصحابة وهم يتعاطون مع القرآن، وهي صورة تكشف عن العالِم الذي لا يستفيد بعلمه، كما كانت صورة "بلعام" الذي رسب في امتحان السلوك، فحفظ الآيات، ثم انسلخ عنها .

وأدرك الصحابة أن قراءة الكتاب حق تلاوته، هو القيام بالعمل الذي يدل على الهداية، وينبثق من التدبر، وليس "حق التلاوة" هو"إجادة الحروف ومعرفة الوقوف .".

حفظ الصوت أم حفظ السلوك؟

"واللهِ ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية أن لا أقوم بها "، هكذا قال أحد الصحابة، وهذا القول يطرح سؤالا ضروريًّا؛ من هو حافظ القرآن الحقيقي؟.

إن نموذج سالم مولى أبي حذيفة، ومشاركته في معركة اليمامة، هو نموذج حي لحافظ القرآن، يقول الشيخ الغزالي: "يُخيل إليَّ أن بعض الكتاتيب أساءت إلى القرآن، من حيث تريد الإحسان، من ناحية أنها أخرجت أشرطة مسجلة ولم تخرج نماذج حية"، فمقاصد الدين القطعية ترفض حفظ القرآن بدون فهم؛ لأن هذا الحفظ غير الواعي، يُرسخ أخطاءً ثقافية

خشوع العقلانية وخشوع الدروشة

كان بكاء الصحابة مع القرآن الكريم بكـــاء وعي يسمو بهم، بكاء من يستشعر التبعية، بكاءً فعالا ينهض بالسلوك، بكاءً يزيد في الخشوع فيظهر في الجوارح، فلم يكن بكاءً شكليًّا، ولم يكن بكاء محاكاة، يقول الشيخ "الصواف": "فليس البكاء مجرد أنين وحنين ونشيج.. بل عملية تطهير وجدانية، تبدأ بإثارة الذهن، وتنتهي بإثارة الحواس .".

وهو عملية حفر في بئر الوجدان؛ لاستخراج الماء، بكاء يهب الطمأنينة النفسية التي تبعث الهمة "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " (الرعد: 28)، ولذا كان أحد الصحابة يستعيذ بالله من "خشوع النفاق"، فلما سُئل عنه، قال: "أن يكون الجسد خاشعًا ،والقلب غير خاشع".
ولكن ما هو الخشوع المطلوب مع القرآن الكريم؟ .

حيث يظن البعض أن الخشوع المطلوب أن يكون القرآن مخدرًا يسلب الناس عقولهم، وهو فهم مخالف للإسلام، تقول عائشة رضي الله عنها: "القرآن أكرم من أن يُزيل عقول الرجال"، فكيف يسلب العقول، وقد أنزله الله تعالى "لعلهم يعقلون"، ومن هنا فالخشوع ليس غيبوبة، إنما هو صفاء نفسي، ومن أجل ذلك ينبغي أن نعقل جيدًا "أن القرآن ليس نصًّا جنائزيًّا"، وهذا يتطلب أن تتجدد قراءة القرآن بتجديد فهمه ..

أين الخـلل؟

وما دامت تلك هي روح القرآن فلماذا تأخر المسلمون؟، وما سبب الأزمة التي يعيشها المسلمون في واقعهم الحالي؟ .

وإجابة هذا السؤال تقتضي الاعتراف بأننا نعيش أزمة في تعاملنا مع القرآن؛ لغياب مقاصده عن الإدراك، وبالتالي فهناك معضلة في طريقة تعليم القرآن.
وما دام الحال كذلك؛ فإن ثقافة الأسئلة لا بد أن تهدي إلى الأجوبة، فنبحث في سلامة مناهج التعلم، ومدى دقتها في فهم نصوص الكتاب والسنة، وأن نتعود على الاستماع إلى الآراء التي تخالف ما ألفناه، ونبتعد عن منح آراء العلماء السابقين قداسة تغلق أبواب النقاش؛ لأن نظام التعليم مسئول عن بعض هذا المأزق الذي وصلت إليه الأمة المسلمة .
.

ويؤكد الكاتب أن هناك قراءة منتجة وقراءة معطلة للقرآن الكريم، ويرجع السبب إلى خلل في الإدراك في الربط بين الجهد والجدوى، واعتبر ذلك سوء في فهم الدين؛ لأن ما يتعلق بأمور الدنيا يجب الربط فيه بين المقاصد والنتائج معًا، والنية بالنتيجة، والجهد بالجدوى، وصلاح النيات وصلاح الأعمال؛ ولهذا جاء في الدعاء : "اللهم اجعل عملي صالحًا، ولوجهك خالصًا" ..

وطرح الكاتب سؤالا قد لا يتفق البعض معه، وهو لماذا لم ينشئ الصحابة مدارس لتحفيظ القرآن الكريم؟، ورغم أن "أبو بلال" طرح معالجة لهذا السؤال، تبدو منطقية؛ فإن رأيه في هذا الشأن يجب ألا يؤخذ على إطلاقه؛ لأن إنشاء هذه المدارس ارتبط بظروف تاريخية معينة، وكان من الواجب على الأجيال اللاحقة أن تطورها، لا أن تعتبرها هياكل مقدسة

ومن ثم فإن الخطأ لا يقع على هذه المدارس والدور الذي لعبته، وإنما يقع على حالة الجمود التي أصابت العقل المسلم، ويدخل في هذا الإطار أيضًا مسألة مفهوم "حفظ القرآن الكريم"، والموقف في التعامل مع القرآن بين الحفظ والفهم، والاستمتاع بالصوت، والتدبر في المعاني، ومسألة تعليم الأطفال للقرآن الكريم، هل هي تخزين معلومات؟، أم تكوين مهارات، والمساوئ التي أنتجتها الطريقة غير الصحيحة لتعليم الأطفال القرآن الكريم.

أين الطريق؟

كيف نعلم أطفالنا القرآن؟، يدعوالكاتب إلى الربط بين استثمار الذاكرة واستثمار الذكاء في تعليم القرآن، ودعا إلى التخلص من طريقة الحفظ دون الفهم للقرآن، وإلى تأخير دروس حفظ القرآن للأطفال، مع تقديم دروس القراءة واللغة والحساب؛ لأن ذلك يؤدي إلى التركيز على وظيفة القرآن، مع تبني التدرج في التعليم الديني .

فمنهج الصحابة كان قلة في القرَّاء وكثرة في الفقهاء، مع ملاحظة أن بعض آراء المفسرين انقلبت من أن تكون توضيحًا لبعض المعاني؛ إلى أن يظن البعض أنها متن (مقدس).

والواقع أن الكتاب مزدحم بالأفكار والرؤى، التي تحتاج أن تكون مادة جيدة لنقاشات؛ للخروج بمنهج متميز لتعليم القرآن الكريم، حتى لا يكون هذا الكتاب الحكيم مهجورًا في حياتنا، بدءًا من الحكم، وانتهاء بالسلوك والصدور .

والله من وراء القصد .

جمع المادة شعبان شحاته / مدونة تدبر القران .